أكد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أن الجلوس في الطرقات "حرام" لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والجلوس في الطرقات"، وأن هذا الحكم لا يزال قائماً حتى الآن، وأن الجلوس على المقاهي إذا لم يكن لها باب يفصلها عن الطريق فهي حرام أيضاً، كما أن الوقوف على النواصي والجلوس على السيارات حرام لذاتها، فالجلوس في الطرقات بما فيها من مقاه ورائحة "النرجيلة" أو "الشيشة" ورائحتها التي تصل إلى الأدوار العليا وصوت "زهر" الطاولة وكل ما يتصل بهذه السلوكيات كل هذا لا يجوز إلا في حدود الجلوس الصالح الضروري.
وطالب الشيخ "أبو إسماعيل" بإعمال مقتضيات حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلي الله عليه وسلم -: "إياكم والجلوس في الطرقات قالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد فنتحدث فيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" فهو يمثل صمام أمان كأنه مرسل عبر القرون لعصرنا الحالي، لأن ما نراه الآن في الطرقات لم يكن موجوداً بهذه الصورة وبهذا السوء.
مؤكداً أن الحديث يحتوي على حكم فقهي وخلال الحديث لم يجادل الصحابة في الحكم ولكنهم طرحوا فقط حالة الضرورة "ولكن ما لنا من مجالسنا بد"، وفي الوقت نفسه فرَّق الإسلام بين وجود الإنسان في الطريق لأداء مهمة ما كالذهاب أو العودة من العمل، بحيث يكون أي عمل من أعمال الطريق تؤدى والإنسان منشغل وغير منتبه لشيء آخر، لكن الجلوس في الطريق بلا داعي يعني أن الإنسان "فاضي" ولا يجد ما يشغله سوى التسلية بالآخرين، ومتابعة عوراتهم، الأمر الذي يؤدي إلى فحص عورات المجتمع من حوله، كما نرى في الكلام بصوت مرتفع والمزاح بين الشباب ما يؤدي إلى إزعاج وأذى الآخرين.
ووجَّه الشيخ "أبو إسماعيل" نداءً للشباب الذين يتجمعون في هيئة "شلل" ويجلسون على "النواصي": "يجب أن تعلم أن الإسلام قد رفع قدرك وجعلك صاحب مهمة أثناء وجودك في الطريق فالمرأة لا بد أن تمشي في الشارع آمنة دون التعرض لها بأي أذى، لأن الشاب لا بد أن يتمتع بالنخوة والكرامة، فهل أنت مستعد للدفاع عن فتاة يعاكسها أو يتعرض لها بعض الشباب؟ إذا كانت الإجابة لا فاجلس في منزلك حتى وإن كنت محترماً وعينك مرخاة عن الحرام".
ويضيف الشيخ: "ويشمل كف الأذى عن الطريق الامتناع عن السباب بالأب أو الأم والخوض في الأعراض وما غير ذلك، ويجب أن نعلم أنه لا بد أن يتكاتف المجتمع كله على ذلك لأنه لا صعود لفرد، ولا فائدة من أن يعلو الإنسان إيمانياً وكل من حوله منهار أخلاقياً، ويضع هذا الحديث خمسة عناوين "غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وتحت كل عنوان تندرج قائمة من قوائم حقوق الطريق فمثلاًَ تعين الرجل على دابته وذلك بمساعدة من تتعطل سيارته وهكذا..
وتضمنت الوصايا في هذا الحديث الشريف أمان الطريق والعفاف فيه، ولن تتعرض السيدات للمضايقات، وإنهاء بعض العادات السيئة "الحرام" التي ترتكب وكأنها حق مكتسب".
الأصل في الطريق والأفنية العامة أنها ليست للجلوس، لأنه يترتب على الجلوس فيها أضرار، منها:
أـ التعرص للفتنة. ب ـ إيذاء الآخرين بالسب والغمز واللمز.
ج ـ الاطلاع على الأحوال الخاصة للناس.
د ـ ضياع الأوقات بما لا فائدة منه.
ـ عرض الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعض حقوق الطريق ، وهي:
أـ غض البصر وكفه عن النظر في المحرمات ، فالطريق معرض لمرور النساء اللاتي يقضين حوائجهن ، وغض البصر عن المحرمات من الواجبات التي يجب التقيد بها في كل الأحوال والظروف ، يقول تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون }. (الآية 30 من سورة النور)
ب ـ كف الأذى عن المارة بجميع أنواعه ، كبيراً أو صغيراً مثل الاعتداء بكلام السيء ، كالسباب والشتائم ، والغيبة ، والاستهزاء ، والسخرية ، وكذا الاعتداء بالنظر في بيوت الآخرين بدون إذنهم ، ويدخل في الإيذاء أيضاً لعب الكرة بالأفنية أمام البيوت ، فهي مصدر إيذاء لأهلها ، وغير ذلك.
ج ـ رد السلام ، وقد أجمع أهل العلم أن رد السلام واجب ، يقول تعالى{ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } (الآية 86 من سورة النساء ) ، ومن المعلوم أن الابتداء بالسلام سنة يؤجر فاعلها ، والسلام تحية المسلمين ، فهو دعاء بالسلامة والرحمة والبركة.
د ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا هو الحق الرابع المذكور في الحديث ، وخص بالذكر لأن الطريق ونحوه مظنة وجود المنكرات فيه.
وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على هذا المبدأ العظيم ، منها قوله تعالى:{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } (الآية 104 من سورة آل عمران) 5ـ وردت نصوص أخرى تذكر بعض حقوق الطريق ، ومنها : حسن الكلام ، وتشميت العاطس ، وإغاثة الملهوف ، وإعانة العاجز ، وهداية الحيران ، وإرشاد السبيل ، ورد ظلم الظالم